للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قد فهم، وأما أن يظن أنه فهم، وهو يخاف ألا يكون قد فهم لما يجد من الكسل، والحيرة فلا ينبغي أن يقضي بينهما، فهذا الفهم الذي أراد صاحب "الكتاب" لا [غيره] (١).

وأما قوله: "أبقيت لكما حجة": قيل: إنما صوابه أن يقوله للمحكوم عليه، وعلى هذا اختصر المسألة أبو محمد بن أبي زيد أن يقال للمطلوب: أبقيت لك حجة، فهو الذي يعذر إليه.

وأما المحكوم له: فإنه الذي يطلب الحكم، ولا أعذار له، وقد قيل: يحتمل صواب ما قال؛ لأن المطلوب إذا ذكر حجة سأل الطالب عن جوابه كأنه قال: أبقى لكما كلامًا أسمعه منكما وأنظر فيه، أو حجة تترافعانها.

وقيل: إن الذي قاله صواب، وأنهما اثنان؛ طالب ومطلوب، فمرة يتوجه الحكم على المطلوب، ومرة يتوجه على الطالب بتعجيزه ودفعه عن المطلوب ورفع يديه عن الخصام، فقوله: "أبقيت لكما حجة" لما كان له أن يقول ذلك لكل واحد منهما على الانفراد إذا توجه عليه الحكم؛ اختصر الكلام ولفه في لفظ واحد، فكأنه يقال لكل واحد من الخصمين ممن يتوجه الحكم عليه , أو بتعجيزه ودفعه عن صاحبه من طالب أو مطلوب أبقيت لكم حجة، وهذا يتخرج على الخلاف في المدعى عليه، هل يكتب له الحكم بدفع دعوى المدعي إذا طلب ذلك؟ فللأصحاب في ذلك قولان:

فمطرف، وأصبغ يقولان: ذلك له، وابن القاسم يقول: ليس له ذلك.

وأما قوله: "مثل أن يأتي بشاهد عند من لا يرى الشاهد واليمين، فوجه القاضي الحكم ثم جاء بشاهد آخر بعد ذلك، وأتى ببينة لم يعلم بها


(١) في أ: يغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>