للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما في "كتاب القطع في السرقة"، هل ينظر فيما أتى به آخرًا، ويحكم له به؟

فالمذهب على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":

أحدهما: أنه ينظر فيما أتى به بعد الحكم مما له وجه سواء كان القاضي بنفسه أو بغيره، وهو ظاهر "الكتاب" على ما تأوله التونسي وغيره.

والثاني: أنه لا ينظر فيما أتى به بعد الحكم لا القاضي نفسه ولا غيره، وهو مذهب سحنون؛ لأنه حكم قد مضى.

أما الأول فمذهبه أنه لا يقضي بشاهد ويمين، والشاهد الأول قد حكم بإسقاط شهادته فلا تلفق شهادته مع شهادة الثاني، وأما القاضي الذي تولى بعده: فلا يجوز له التعرض لما قضى به من قبله من الجور البين.

والقول الثالث: التفصيل بين القاضي نفسه الذي حكم عليه، فيجوز له النظر فيما أتى به آخرًا.

وأما من يتولاه بعده فلا يجوز له النظر في ذلك، ولا التعرض له، وهو قول ابن المواز، وهو ظاهر "المدونة" على ما تأوله أبو عبد الله التونسي.

ومن هذا القبيل اختلافهم فيمن أقام شاهدًا على حق من الحقوق، فأبى أن يحلف معه، وحلف المدعى عليه، ثم وجد شاهدًا لآخر هل يحلف مع الثاني، أو تلفق شهادته مع الأول على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن شهادة الثاني تلفق مع الأول؛ لأن تورعه عن اليمين مع شهادة الأول لا يؤثر في إسقاطها.

والثاني: أنه لا يجزئه إلا شاهدان سوى الأول؛ لأنه لما نكل مع الأول، فكأنه أخبر أنه لا يحلف مع شاهد على حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>