فانظر فقد جعله في هذه المسألة كالشاهد الواحد على الطلاق أو على العتق؛ لأن اليمين مع الشاهد إنما يحكم بها في الأموال دون الحدود، والقسامة إنما وردت في النفوس خاصة.
ومن رأى أن القصاص يجب بشاهد ويمين المجروح فاسدًا على النفوس، إلا أنها في النفوس خمسون يمينًا، وفي الجراح يمينًا واحدًا.
وعلى القول بأن القصاص يجب بشاهد ويمين، فإن نكل المقطوعة يده عن اليمين، ونكل القاطع عن اليمين بعده، هل يقطع أو يحبس؟ قولان:
أحدهما: أنه يحبس كالقطع، وهو مذهب المدونة.
والثاني: أنه يقطع.
وسبب الخلاف: النكول هل هو كالإقرار أم لا؟.
وعلى القول بأن القصاص لا يجب بشاهد ويمين: فإن المجروح أو المقطوع يحلف ويأخذ الدية، وهو قوله في "كتاب الشهادات" من "المدونة".
وعلى القول بأن القاطع يحلف: فإن نكل عن اليمين، فالذي ينبغي أن يرد اليمين على المقطوعة يده، فيحلف ويستحق القصاص والدية على اختلاف الروايات، ويحتمل أيضًا أن يجري فيه من الخلاف ما يجري في الزوج إذا نكل عن اليمين في الطلاق لكون اليمين في جنبة المشهود عليه في مسألتنا؛ لأنه فيمن أقام شاهدًا واحدًا على رجل بالقذف، فقال: لا يحلف المقذوف، فقيل له: فعلى المشاتم اليمين، قال: نعم فعسى به، وليس كل ما رأى المرء أرادوا معه أن يجعلوه بينة.
وأما الوجه الثاني: إذا لم يأت ببينة على القطع ولا شاهد ولا شبهة