أحدهما: أنهم لا يحلفون إلا بالله خاصة، ولا يكلفون أن يزيدوا عليه: الذي لا إله إلا هو، ولا يكلف اليمين بما لا يدينون به، ولا يعتقدونه من إثبات الألوهية فقط، وهو مذهب ابن شبلون، وهو ظاهر المدونة؛ حيث قال: لا يحلفون إلا بالله فقط.
والثاني: أنهم يحلفون كما يحلف غيرهم من المسلمين في تتمة الشهادة وعليه اختصر الشيخ أبو محمد، وهو بين في "كتاب محمد" قال: يمين الحر والعبد والنصراني في الحقوق سواء، ولا يعد منهم إسلامًا، وإنما هو حكم يجريه عليه الإسلام كما يلزمهم حكم الإسلام إذا تحاكموا إلينا؛ ويدل على ذلك استحلاف المجوس بالله، وهم ينفون الصانع، ولا يثبتونه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، فكذلك اليهود والنصارى، وأنهم لا يقولون بالتوحيد فإنهم لا يلزمهم أن يزيدوا في اليمين بالله الذي لا إله إلا هو، وهو ظاهر المدونة أيضًا في المجوس حيث قال: يحلف المجوس في بيت نارهم، قال: ما سمعت من مالك فيه شيئًا.
وأرى أن يحلفوا حيث يعظمون، فأمر له أن يحلفه بالله، وإن كان لا يعتقد الصانع، تعالى الله عن قولهم.
وأما أن يحلف: فذلك يختلف باختلاف الأحكام الموجبة لليمين، وهي أقسام منها [ما](١) لا يغلظ على الحالف فيه بالزمان والمكان.
ومنها: ما يغلظ عليه فيه بالمكان دون الزمان.
ومنها: ما لا يقع فيه التغليظ، لا بالزمان ولا بالمكان.
فأما ما يغلظ فيه بالزمان والمكان: فكأيمان القسامة واللعان؛ فإنهم يغلظ عليهم فيهما بأن يجلبوا إلى أشرف أماكن بلادهم فما كان من أهل