والثاني: أنه يغلظ بالزمان في المال العظيم كما يغلظ في الدماء واللعان، وهي رواية ابن كنانة عن مالك في "كتاب ابن سحنون".
واختلف هل يغلظ بالمكان في القليل والكثير على قولين:
أحدهما: أنه لا يغلظ به، وهو المشهور.
والثاني: أنه يغلظ به، وإنها لا تكون إلا عند المنبر في القليل والكثير، وهذا القول حكاه القاضي أبو محمد عبد الوهاب عن بعض المتأخرين.
وأما النساء الحرائر: فإنهن ينقسمن إلى من تخرج بالنهار، ومن لا تخرج.
فمن تخرج منهن: فحكما حكم الرجال فيما تحلف عليه، وفي موضع يمينها.
ومن لا تخرج منهن: فقد اختلف فيه المذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الحاكم يبعث إليها من يحلفها في بيتها, ولا يمكن خصمها من إعناتها، وهذا القول ذكره القاضي أبو محمد عبد الوهاب.
والثاني: أنهن يخرجن ليلًا، ويحلفن في أقرب المساجد اليمين، وإليه ذهب بعض شيوخ الأندلسيين، وذكر أن سحنون كان يفعل ذلك.
والثالث: التفصيل بين حق لها أو عليها؛ فما كان عليها من حق وشهد عليها به: فإنها تحلف في بيتها، وما تدعيه من حق لها: فلابد لها من أن تخرج إلى موضع اليمين، وهذا القول متأول على المدونة، ومثله لابن كنانة.
والأقوال الثلاثة متأولة على المدونة.
ووقع في بعض روايات المدونة: فإن كانت ممن لا تخرج نهارًا، وفي