شهادتهم جائزة إذا كانوا مسلمين أحرارًا ما لم يتفرقوا أو ينجبوا أو يدخل بينهم كبير، فإذا تفرقوا لم تجز شهادتهم بعد ذلك إلا أن يشهد العدول على شهادتهم قبل الافتراق: فتجوز، ولا ينظر إلى ما أحدثوه من الانتقال بعد ذلك؛ لأنها شهادة؛ جوزت لأجل الضرورة، فتقبل قبل التنجيب والافتراق؛ لأن الصبيان ليس لهم رأي، ولا عندهم عدالة تصدهم من الانتقال من قول إلى قول فكان الموجه الحكم بأول قولهم، والأخذ بما ضبط منه قبل تفرقهم وتنجبهم، والتنجب تعلم الخبث؛ وهو أن يدخل بينهم كبير، أو كبار على وجه يمكنهم أن يلقنوهم الكذب ويصدوهم عما يحصل عندهم من يقين، أو يزينوا لهم الزيادة فيها والنقصان منها، فإذا كان ذلك: لم تقبل وبطلت، ولا تقبل إلا على الوجه الذي قدمناه.
وقولنا: أن يدخل بينهم كبير، فإذا دخل بينهم كبير، فلا يخلو من أن يكون شاهدًا، أو مشهودًا له، أو مشهودًا عليه.
فإن كان شاهدًا: فلا يخلو من أن يكون عدلًا، أو غير عدل.
فإن كان عدلًا: فلا خلاف أن شهادة الصبيان ساقطة لوجود الكبير العدل.
فإن كان ليس بعدل، فهل يؤثر حضوره في إسقاط شهادة الصبيان أم لا؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن شهادتهم جائزة مع حضوره؛ لأن وجوده وعدمه سيان، وهو قول ابن الماجشون، وأصبغ، وروى ابن سحنون عن أبيه مثله كما لو كان عبدًا أو نصرانيًا.
والثانى: أن شهادتهم لا تجوز لحضور الكبير، وإن كان ليس بعدل، وهو قول سحنون في "كتاب ابنه" أيضًا.