وكذلك إن كان مشهودًا عليه: فلا تجوز شهادة الصبيان عليه باتفاق المذهب.
فإن كان مشهودًا له: فلا يخلو من أن يشهدوا له بالجراح، أو بالقتل، فإن شهدوا له بالجراح: فلا خلاف في المذهب أيضًا أن شهادتهم لا تجوز، سواء شهدوا له على صغير أو كبير.
فإن شهدوا له على القتل: فلا يخلو من أن يموت من ساعته، أو عاش حتى يعرف ما هو فيه.
فإن مات من ساعته؛ مثل أن يدفعه أحد من الصبيان من علو عظيم لا يكاد يعيش من سقط منه، أو يلقيه من علو في بحر يغرق فيه: فإن شهادتهم جائزة له، وهو قول ابن المواز.
فإن عاش بعد ذلك حتى يعرف ما هو فيه ثم مات: فإن شهادتهم له لا تجوز، قولًا واحدًا مخافة أن يكون قد لقنهم الشهادة، ويخدعهم في عقولهم حتى يشهدوا له.
والدليل على جواز شهادة الصبيان على الحالة الموصوفة: الأثر، والنظر؛ فأما الأثر فما رواه مالك (١) رضي الله عنه عن عروة أن عبد الله بن الزبير كان يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح، وهو قول أهل المدينة، وبه قال من الصحابة: علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ومنع من ذلك: الشافعي، وأبو حنيفة، والثوري، وروى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه فقال مالك: معناه عندنا: في شهادتهم على الكبار، وروى وكيع عن ابن
(١) أخرجه مالك (١٤٠٧)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٣٩٩).