جريج عن أبي مُليكة أنه قال: ما رأيت القضاة أخذت إلا بقول ابن الزبير.
وأما النظر: فإن القواعد أسست على أن الدماء يجب الاحتياط لها، والاحتياط على صيناتها في أهبها، وجرت عادة الصبيان بالانفراد بالملاعنة حيث لا يخالطهم كبير، ويجري بينهم من اللعب، والترامي ما ربما أن يسبب القتل والجراح، فلو لم يقبل بينهم إلا كبير، وأهل العدل في الشهادة، لأدَّى ذلك إلى هدر دمائهم وجراحهم، فقبلت شهادتهم على الوجه الذي يقع على الصحة في غالب الحال، على ما بيناه.
ولا خلاف بين من قال بجواز شهادتهم أن العدالة غير معتبرة في شهادتهم؛ لأن عارض الطفولية مناف لوجود العدالة.
واختلف في اعتبار العداوة والحرابة بينهم، هل تعتبر في شهادتهم كما تعتبر في شهادة الكبار؟ ففي اعتبار العداوة بينهم قولان:
أحدهما: اعتبارها كاعتبارها في شهادة الكبار، وهو قول ابن القاسم في "الموازية".
والثاني: أنها لا تعتبر بعداوتهم وهو قول عبد الملك، وابن المواز، قال سحنون: لأن عداوتهم لا أصل لها.
وفي اعتبار القرابة أيضًا، قولان:
أحدهما: أنه لا ينظر في شهادتهم إلى قرابة كما لا ينظر إلى الجرحة والعدالة، وهو قول ابن المواز.
والثاني: أن شهادتهم تسقط في القرابة كما تسقط بها في الكبار، وهو قول عبد الملك في "المجموعة".
فإن اختلفوا في شهادة فشهد اثنان معهم أن فلانًا، وقال آخرون: بل شجه فلان: فإن شهادتهم باطلة، وهو قول مالك في "المجموعة"،