و"الموازية"، و"كتاب ابن سحنون": إن شهادتهم إنما تقبل ما لم يكن فيها تهاتر.
فإن شهد صبيان أن صبيًا قتل صبيًا، وشهد آخران أنه لم يقتله، وإنما أصابته دابة: قضى بشهادة الذين شهدوا بالقتل، وهو قول ابن الماجشون في "المجموعة"، و"العتبية"، ووجه ذلك: لو كانوا كبارًا عدولًا: يحكم بشهادة شاهدي القتل، وكذلك هذان؛ لأن من أثبت الحكم أولى ممن نفى.
ولو كانوا ستة صبيان لعبوا في البحر، فغرق واحد منهم، فشهد ثلاثة على اثنين أنهما غرَّقاه، وشهد الاثنين على الثلاثة أنهم غرقوه، هل تجوز شهادتهم، أو تسقط؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن العقل على الخمسة جميعًا؛ لأن شهادتهم مختلفة، وهي رواية ابن وهب عن مالك في "المجموعة"، و"الموازية".
والثاني: أن شهادتهم لا تجوز لأجل اختلافهم وتسقط، وهو قول ابن المواز، وحكى عن ابن حبيب ومطرف مثله.
وقول مالك أصح؛ لأن اختلاف شهادتهم لا يمنع قبولها, ولاسيما على القول بأن اختلاف الشهادة وتقابلها لا يقتضي التأثير [والحمد لله وحده](١).