للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يلزمه إلا تصحيح موضع تقييد الشهادة خاصة، ولذلك يشهد على الحكام بالسجلات المطوية التي فيها الأرزاق، ولا تقرأ إلا في العدد الطويل مع القدرة على ذلك، والتفرغ له، وربما اجتمع النفر الكثير للإشهاد فيه، ولو لزم كل إنسان قراءته وتصفحه، وتحفظه لتعذر الإشهاد فيه، فإذا ثبت أنه لا يلزمه قراءته ولا معرفة ما فيه حين تقييده شهادته بأن لا يلزمه ذلك عند الأداء أولى، وقال: وما احتج به من قوله تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} (١)، ليس فيه كبير حجة، ولا هو بلازم؛ لأنه إخبار عن شهادة معينة؛ إذ لا يقول أحد بأن الشهادة بالمعلوم غير جائزة، وإنما الخلاف في الشهادة بما لم يعلم، والآية لا تتضمن حكم هذا، وأيضًا فإنا نقول بموجب ذلك، فإن الشاهد إنما يشهد بعلمه من صحة تقييده الشهادة في العقد على الوجه اللازم في ذلك.

والجواب عن الوجه الثاني من أصل التقسيم: وهو تحمل الشهادة عن الشهود: فلا يخلو من وجهين:

أحدهما: في نقلها عن شهود معينين.

والثاني: في نقلها عن شهود غير معينين.

فأما نقلها عن المعينين: فلا يخلو من وجهين: أن يكون ذلك بإذنهم، أو بغير إذنهم.

فإن نقلها عنه بغير إذنهم؛ مثل أن يسمع شاهدًا ينص ما عنده من الشهادة في معرض الحكاية، أو يسمعه، أو يؤديها عند الحاكم، فهل يجوز له أن يشهد على شهادته أم لا، وإن لم يشهده عليها؟

فالمذهب يتخرج على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":


(١) سورة يوسف الآية (٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>