مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (١)، أي: ملازمًا، فإذا جاز ملازمته ومنعه من التصرف جاز حبسه فإذا اقتضى نظر الحاكم حبسه فحبسه: على ثلاثة أوجه:
أحدها: حبس تلوم، واختبار فيمن جهل حاله.
والثاني: حبس من ألد واتهم بأنه خبأ مالًا وغيبه.
والثالث: حبس من أخذ أموال الناس، وتعدى عليها، وادعى العدم، فلم يبين عدمه؛ إذ لم يعلم أنه جرى عليه بسببٍ أذهب ما حصل عنده من أموال الناس.
فالجواب عن الجواب الأول: وهو حبس التلوم والاختبار في المجهول الحال: فإنه يحبس قدر ما يستبرأ، ويكشف عن حاله، وذلك يختلف باختلاف الدين؛ فما روى ابن حبيب عن ابن الماجشون: فيحبس في الدريهمات اليسيرة: قدر نصف شهر، وفي الوسط: شهران، وفي الكثير من المال: أربعة أشهر، ووجه ذلك: أنه يحبس على وجه اختيار حاله، فوجب أن يكون على قدر الحق الذي يسجن لأجله.
فإن طلب المحبوس التلوم، والاختبار أن يعطي حميلًا حتى يتبين حاله، ويكشف عن أمره، ولا يحبس؛ فقد قال مالك في "المدونة" في هذا الوجه: لا يحبس، ويؤخذ عليه حميل، وفي بعض روايات "المدونة": يأخذ عليه وكيل، وحكى أبو عمران أنه رواها، والصواب رواية من رواها "حميلًا"؛ إذ لا فائدة للوكيل في هذه الصورة.
ولم يبين إن كان الحميل بالوجه أتى بالمال، والصواب هنا أن يكون