فذهب سحنون إلى أنه يفض على قيمة ما بيد كل واحد منهم يوم الحكم.
وذهب أشهب في أحد قوليه إلى أن الدين يفض على الأجزاء التي فيها اقتسموا عليها -زادت قيمتها أو نقصت- ما دامت قائمة لم تتلف.
ومعنى قول أشهب: يغض الدين على الأجزاء التي اقتسموا عليها يريد بالسهام سهام المسألة؛ كالنصف والربع والثلث والسدس، وعلى ذلك يفض الدين، وهذا مراده، والله أعلم.
ولا فرق على مذهب أشهب، وسحنون بين أن يكون الدين قد ثبت بشهادة شاهدين، أو بشهادة أحد الورثة مع يمين الطالب؛ إذ لا انتفاع للشاهد بشهادتهما على مذهبهما.
فإذا فات ما بأيدي الورثة من التركة، فلا يخلو فواتها من ثلاثة أوجه
إما أن يكون بإتلاف، أو بإحداث، أو بتلف من السماء.
فإن كان بإتلاف؛ مثل أن يأكلوه ويستنفقوه، هل يضمنون بذلك أم لا؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال، كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أنهم ضامنون لديون الغرماء باستنفاق التركة واستهلاكها، وهو نص قول ابن القاسم في "كتاب القسمة" من "المدونة" و"الموازية"، وظاهره: ألَّا فرق بين الصغار والكبار، وهو قول أشهب في "الموازية"؛ حيث قال: إن طرأ دين رجع عليهم أجمع، وإن لم يكن عند الصغار شيء؛ لأنه أنفق عليهم أخذ من الكبار، ويرجع الكبار على الصغار بحصتهم، وإن لم يوجد أيضًا عند الكبار شيء اتبع الغرماء الصغار والكبار بقدر حصصهم التي ورثوا، وبه قال أصبغ، وهو قول المخزومي في "كتاب