والثاني: أنهم لا يضمنون بالاتفاق عند طرءان الغرماء، وهو قول ابن القاسم في الصغير في "كتاب النكاح الثاني" من "المدونة" في الوصي إذا أنفق التركة على اليتيم، ثم طرأ غريم؛ حيث قال: لا ضمان على الوصي، ولا على اليتيم.
والكبير يقاس على الصغير بعلة إتلاف مال الغير على وجه الشبهة.
وغاية ذلك أن يحمل منها محمل الخطأ، والعمد والخطأ في أموال المسلمين سواء، ولا خلاف عندنا في المذهب أن جناية الصغير على الأموال لازمة لماله وذمته.
والقول الثالث: التفصيل بين الصغير والكبير؛ فالكبير ضامن والصغير غير ضامن، وهو ظاهر المدونة؛ حيث نص على الصغير في كتاب النكاح أنه لا يضمن، وهو نص قوله في "العتبية"، ونص في "كتاب القسمة" على الضمان جملة ولم يفصل.
وسبب الخلاف: الدين الطارئ على الميت هل هو متعلق بعين التركة أو هو واجب في ذمة الميت.
فأمَّا إتلافها بإحداث؛ كالبيع، والهبة، والصدقة، والعتق: فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنهم يضمنون بذلك، ويلزمهم أن يؤدوا قيمة ما أتلفوا بغير عوض، ولا يرجع على الموهوب له بشيء، وهو قول ابن حبيب في "الواضحة"، وهو قول ابن القاسم في "المدونة" في "كتاب القسم في البيع"؛ حيث قال: وما بيع فعليه ثمنه، لا قيمته إن لم يحاب.
والثاني: أنهم لا يضمنون بذلك شيئًا فيما لم يؤخذ منه عوضًا, ولا