والصحيح ما قاله ابن القاسم؛ وذلك أن الواصل لما التزم المأمور السلف، وأشهد الواصل أنه وصل به فلانًا صار كدين له على من أسلفه، وصار الموهوب قد أشهد له الواهب بدين له على رجل، فكان ذلك حوزًا؛ كمن وهبت له هبة فباعها الموهوب له قبل أن يقبضها، ثم مات الواهب: أن الهبة صحيحة لا يبطلها موت الراهب قبل الحوز؛ لتعلق حق المشتري بها، وهو غير محتاج إلى حيازة لكونه مشتريًا، والموهوب له قد خرجت من يده بالبيع.
والجواب عن السؤال الثاني: إذا أمرته أن يدفع لفلان دنانير سلفًا منه لي، فدفع له غير ما أمرته به، فلا يخلو من أن يدفع له دراهم عن دنانير، أو دفع له عرضًا.
فإن دفع له عرضًا عن عين ما الذي يجب على الآمر دفعه ورده؟
فقد اختلف المذهب في ذلك على ثلاثة أقوال، كلها قائمة من المدونة:
أحدها: أنه يرد عليه ما أمره بدفعه.
والثاني: أنه يرد عليه مثل ما دفع مخافة أن يكون ما دفع عنه المأمور أقل مما أمره بدفعه، فيؤدي إلى أن يربح في السلف.
والقولان لمالك في "الكتاب".
والثالث: الآمر مخير إن شاء دفع ما أمره بدفعه، وهذا القول أيضًا متأول على "المدونة".
ويتخرج في المسألة قول رابع: أنه لا شيء على الآمر؛ لأنه يقول: إذا كنت أمرته أن يدفع ذلك سلفًا لي لم يلزمني أما ما دفعه مما هو خلاف ما أمرته، وكأنه لم يمتثل أمري، فلا يلزمني شيء.
وينبني الخلاف: على الخلاف فيما أمر بدفعه عنه؛ هل هو دين على