الآمر بنفس الإنعام به من المأمور، أو لا يكون دينًا إلا بإخراجه ودفعه إلى من أمر بقبضه؟
فإذا قلنا: أنه بنفس الإذن والإنعام: صار دينًا في ذمة الآمر، كما يقول ابن القاسم في مسألة الصلة، فإن الآمر يدفع عند القضاء ما أمر بدفعه، لا ما عوض عنه؛ لأنه بالالتزام صار ملكًا للمأمور له بالدفع، وجازت فيه مبايعته ومصارفته كدين ثابت له.
فإذا قلنا بأنه لا يجب، ولا يلزم إلا بإخراجه وقبضه كما قال الغير في مسألة الصلة كتمان الآمر مخير على قول، أو يدفع للمأمور ما دفع إليه على قول، أو لا يلزم الآمر شيء على قول؛ لمخالفته المأمور، فدفع غير ما أمر به.
فإن دفع دنانير عن دراهم، أو دارهم عن دنانير: دخله ما قدمناه من الربح في السلف ما فيه من الخيار في صرفها، على القول بتخيير الآمر.
والجواب عن السؤال الثالث: إذا أمر لمن له عليه دين أن يدفعه إلى من استقرضه مثل ذلك قدرًا وصفة، فدفع المأمور خلاف ما أمر به؛ مثل أن يدفع ذهبًا عن ورق، أو ورقًا عن ذهب: فإن الأقوال الثلاثة التي قدمناها في السؤال الثاني تدخل في هذا السؤال، ولا يدخل فيه القول الرابع؛ لأجل اختلاف السؤالين؛ لأن ذمة المقرض في هذا السؤال عامرة على كل حال، وعهدة المقرض عليه؛ إذ لا سبيل للآمر أن يرجع على الذي عليه الدين أولًا بوجه، ولا على حال ما نقله أهل المذهب، وإن كان يجوز أن يقول: إن الآمر لم يوسع للذي عليه الدين أن يدفع الإمالة عليها فيهما دفع غيره، كأن الخيار للآمر إن شاء جوز فعله، وأخذ من المقرض ما قبض، وإن شاء رد مصارفته، ويرجع على الذي كان عليه الدين بما ترتب في ذمته، إلا أنهم لم يقولوا ذلك، وإنما قالوا: إن ذمته