فإن كان من سلم: فلا يخلو من أن يكون طعامًا، أو عرضًا، فإن كان طعامًا: فلا يخلو العين الذي صار به في المحاصة من أن يكون مثل رأس ماله، أو أقل أو أكثر.
فإن كان مثل رأس ماله، فهل يجوز له الرضا بأخذ العين أم لا؟
على قولين قائمين من "المدونة" من "كتاب السلم الثاني" وغيره:
أحدهما: أن ذلك جائز، وتكون إقالة.
والثاني: أنه لا يجوز.
وينبني الخلاف: على الخلاف في الإقالة، هل تنعقد بغير لفظها أم لا؟
فإن كان أكثر من رأس ماله أو أقل: فإن ذلك لا يجوز قولًا واحدًا؛ لأن ذلك بيع الطعام قبل قبضه، وهذا إذا طلب لمن يأخذه عوضًا عن جميع حقه.
فإن أراد أخذ العين عما وجب له في المحاصة، ويبقى الباقي في ذمة الغريم: فإنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه، مع ما في ذلك من بيع وسلف، وما بقى في الذمة فهو بيع.
وإن كان الذي له عرض من مسلم، فإن أخذه عوضًا عن جميع حقه، وكان مثل رأس ماله، أو أقل: فإن ذلك جائز؛ إذ لا يتهم أحد أن يدفع كثيرًا ليأخذ قليلًا فيما لا ضمان فيه.
وإن كان أكثر من رأس ماله: فلا يجوز؛ لأن ذلك سلف بزيادة.
فإن أخذه على أن يبقى الباقي في الذمة إلى يسره: فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن ذلك لا يجوز؛ لأنه بيع وسلف؛ ما استرجع فهو بيع وما بقى فهو سلف، وهو مذهب "المدونة".