للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا ما لا يمكنه دفع العوض؛ كنفقة الزوجات لما يأتي من المدة: فلا محاصة في ذلك بوجه.

وأما ما لا يمكنه دفع العوض فيه، ويمكنه دفع ما يستوفي منه؛ مثل أن يكتري الرجل دارًا بالنقد، فيقاس المكتري قبل أن يقبض الدار، أو بعد أن قبض وسكن بعض السكنى: فلا خلاف أن المكري يحاص الغرماء بما مضى من المدة.

واختلف في الحكم فيما بقى منها على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أن المكري بالخيار إن شاء سلم السكني ويحاص الغرماء بكراء ما بقى، وإن شاء أخذ بقية السكنى، ويكون أولى به من الغرماء.

وهو قول ابن القاسم في "المدونة"، و"العتبية".

والثاني: أنه يحاص الغرماء بكراء ما مضى، ويأخذ داره، ولا يكون له أن يسلمها، ويحاص الغرماء بجميع الكراء، وهذا الذي يأتي على أصل قول ابن القاسم في "المدونة" في قبض الأوائل في الكراء هو كقبض الأواخر أم لا؟

وأما تخيير ابن القاسم المكتري بين أخذ بقية السكنى، أو تسليمه، أو يحاص بجميع الكراء إنما يأتي على قول أشهب الذي يرى قبض أوائل الكراء كقبض أواخره، وهو أحد قولي ابن القاسم.

ولو لم يشترط النقد في الكراء، ولا كان العرف فيه النقد لوجب على قول ابن القاسم الأول إذا حاص أن يوقف ما وجب له في المحاصة؛ فكما سكن شيئًا أخذ بقدره من ذلك.

وأما ما يمكنه دفع العوض، ويلزمه كرأس المال المفلس إذا أفلس المسلم إليه قبل دفع رأس المال: فلا يخلو من أن يكون رأس المال عينًا، أو عرضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>