فإن كان رأس ماله عينًا، هل يكون أحق برأس ماله من الغرماء أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنه يلزمه أن يدفعه، ويحاص به الغرماء، ولا يكون أحق به، وهو قوله في "كتاب ابن المواز"، وهو ظاهر قول أشهب الذي يقول: لا سبيل له إلى العين، وهو فيه أسوة الغرماء، وهو نص قوله في "العتبية".
والثاني: أن له أن يمسكه، ولا يلزمه أن يدفعه ويحاص الغرماء؛ بل هو أحق برأس المال الذي بيده منه، وهو ظاهر قول ابن القاسم الذي يقول: إنه أحق بالعين في التفليس.
وينبني الخلاف: في العين الذي بيده هل هو كالرهن أم لا؟ والصحيح أنه كالرهن؛ لأن التفليس يحل على المفلس، فإذا حل بالتفليس كان للذي له السلم أن يحبس رأس ماله.
وللخلاف فيه مطلع بسبب آخر؛ وهو العين هل يتعين أو لا يتعين؟
فإن كان رأس المال عروضًا: كان له أن يمسكه، وهو أحق به من الغرماء، قولًا واحدًا؛ لأن سببه قائم بعينه.
وأما ما يمكنه دفع العوض ولا يلزمه؛ كالسلعة إذا باعها، ففلس البائع قبل أن يدفعها إليه المبتاع، وهو بالخيار بين أن يمسك سلعته أو يسلمها، ويحاص الغرماء بثمنها، فلا خلاف في هذا الوجه، وهو ألا يكون إليه تعجيل بعض العوض؛ وذلك مثل أن يسلم الرجل إلى الرجل دنانير في عروض إلى أجل، فيفلس المسلم قبل أن يدفع رأس المال، وقبل أن يحل الأجل المسلم، فإن رضي المسلم إليه أن يعجل العروض، ويحاص الغرماء برأس مال السلم: فذلك جائز إن رضي بذلك الغرماء، فإن أبى ذلك