أحدهم حاص الغرماء برأس المال الواجب له فيما وجد للغريم من مال، وفي العروض التي عليه إذا حلَّت، وإن شاؤوا أن يبيعوا بالنقد ويتحاصوا فيها الآن، فذلك لهم.
وهذا كله إنما يتخرج على القول بجواز تأخير رأس مال المسلم إن كان حيوانًا بلا كراهية، أو من العروض التي يغاب عليها مع كراهية لمالك في ذلك.
فأما إن فلس المسلم بعد حول المسلم على المسلم إليه، فهو برأس المال أسوة الغرماء فيما حل عليه من السلم.
وهل له أن يمسكه، فيكون أحق به من الغرماء أم لا؟
فالمذهب على قولين: وقد قدمناهما لابن القاسم، وأشهب، وبينَّا سبب الخلاف فيهما.
ولا يخرج عن هذا التقسيم الذي قسمنا إلا الحكم في مهور الزوجات؛ فإن المحاصة بها واجبة على الجملة، وإن لم يقبض العوض؛ مثل أن يفلس الزوج قبل الدخول، فهل للزوجة الخيار بين الحصاص أو الفراق أم لا؟ على قولين قائمين من المدونة:
أحدهما: أن له الخيار إن شاءت حاصت الغرماء، وتبقى زوجة، وإن شاءت تركت الحصاص وطلب الفراق، وهو قول مالك في "كتاب النكاح الثاني" في المسعر بالصداق قبل البناء؛ حيث قال: يتلوم، فإن جاء بالصداق، وألَّا فرق بينهما.
والثاني: أن المقاصة واجبة، ولا خيار لها، وهو اختيار القاضي ابن رشد.