وأما نقل الشيء المغصوب من بلد إلى بلد، هل يكون ذلك فوتًا يوجب تضمين الغاصب أم لا؟
فلا يخلو ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يكون المغصوب حيوانًا أو عروضًا.
والثاني: أن يكون مكيلًا أو موزونًا مأكولًا.
فإن كان حيوانًا أو عروضًا، فالمذهب فيه على ثلاثة أقوال:
أحدهما: أن ذلك فوت، والمغصوب منه بالخيار بين أن يأخذ منه متاعه بعينه، أو يضمنه قيمته يوم الغصب، وهو قول أصبغ، وظاهر روايته عن أشهب في سماعه.
والثاني: أن ذلك ليس بفوت، فليس للمغصوب منه إلا أن يأخذ متاعه، وهو قول سحنون؛ لأنه [رأى](١) أن نقل ذلك كله من بلد إلى بلد بمنزلة حوالة للأسواق.
والثالث: التفصيل بين الحيوان والعروض، فتفوت العروض بذلك، ويكون المغصوب منه فيها بالخيار بين أن يأخذها، وبين أن يضمن الغاصب فيها قيمتها يوم غصبها في البلد الذي غصبها فيه، ولا يفوت الحيوان بذلك، فيأخذها المغصوب منه حيث وجدها, ولا يكون له أن يضمن الغاصب قيمتها، وهذا في الحيوان الذي لا يحتاج إلى الكراء على حملانه كالعبد، والدّابة، والبقرة، فهذا يجبر صاحبه على قبوله إن طلبه الغاصب، ويجبر الغاصب على دفعه إن طلبه المغصوب منه.
وأما ما يحتاج إلى الكراء على الحملان كالجواري، وصغار العبيد،