للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء" (١)، وهذا نص لا يحتمل التأويل إن صح الحديث، وقد طعن بعض العلماء في سنده.

وأما المعنى والنظر: فضرر الشركة موجود في كل شيء.

وأما فقهاء الأمصار فقد تمسكوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفعة فيما لا ينقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة" (٢)، فكأنه قال: الشفعة فيما لم تكن فيه القسمة ما دام لم تقسم، فدل على أن الشفعة فيما ينقسم؛ لأن ما لا ينقسم لا يقال يثبت فيه حكم كذا، وكذا ما لم ينقسم لما كانت القسمة لا تأتي فيه، وإن كان هذا من باب الاستدلال بدليل الخطاب، وهو أصل مختلف فيه، إلا أن فقهاء الأمصار أجمعوا على الاستدلال به في هذا الموضع، والأمر الموجب لاجتماعهم ما فهموه من صيغة لفظه - صلى الله عليه وسلم -.

وأما مذهب مالك: فتحصيله أن الشفعة في ثلاثة أنواع:

أحدها: مقصود، وهو العقار من الدور، والحوانيت، والبساتين.

والثاني: ما تعلق بالعقار مما هو ثابت، ولا ينقل كالبئر، وفحل النخل.

والثالث: ما يتعلق بالأصول كالثمار.

وأما الدُّور، والأرضون، والبساتين: فلا يخلو ذلك من أن يكون مما ينقسم، أو مما لا ينقسم؛ فإن كان مما ينقسم على غير ضرر: فلا خلاف في مذهب مالك في وجوب الشفعة فيه.


(١) أخرجه الترمذي (١٣٧١)، والدارقطني في الكبير (١١٢٤٤)، والبيهقي في الكبرى (١١٣٧٨)، والطحاوي في شرح المعاني (٥٥٦٣)، قال الألباني: منكر ضعيف.
(٢) أخرجه ابن ماجة (٢٤٩٧)، وابن حبان (٥١٨٥)، والبيهقي في الكبرى (١١٣٤٤)، وصححه الألباني -رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>