فإن كان لا ينقسم إلا على ضرر أو لا ينقسم جملة، فهل تجب فيه الشفعة للشريك أم لا؟ فعلى القولين:
أحدهما: أنه لا شفعة فيه، وهو قول ابن القاسم في المدونة.
والثاني: وجوب الشفعة فيه، وهو أحد قولي مالك في المدونة أن الشفعة مشروعة في القليل والكثير من الرِّياع، والعقار، وهو أحد قوليه أيضًا في المذهب فيما لا ينقسم جملة، ومن هذا المعنى اختلافهم في الحمام، والبيت الصغير, والدُّكان في السوق مما لا ينقسم إلا على ضرر مثل منصب الرَّحَى، أو مما لا ينقسم كالشجرة الواحدة، والنخلة الواحدة، والماجل، والبئر الواحدة إذا لم يكن معها أصل، ولا أرض، وغير ذلك من الرياع والأصول مما لا ينقسم إلا على ضرر، أو لا ينقسم أصلًا: فقد اختلف في جميع ذلك على قولين: وجوب الشفعة وإسقاطها في النخلة الواحدة، والشجرة الواحدة، قال مالك وابن القاسم: لا شفعة فيهما، وبه قال محمَّد.
وقال أشهب، وعبد الملك، وأصبغ:[الشفعة فيهما](١) في "الواضحة".
وسبب الخلاف: اختلافهم في الضرر المعتبر في الشفعة، هل هو ضرر الشركة، أو ضرر القسمة؟ فمن اعتبر ضرر الشركة؛ لكون الأصيل يستضر بالدخيل لما يخاف من ناحيته من السرقة، والخيانة، وأن يدخل عليه أمرًا لم يألفه من شريكه البائع مما كان عليه من حسن الطوية، وجميل المعاشرة معه، وربما كان يكفيه مؤنة بعض العمل، ويسامح له في أخذ بعض الأشياء، والدخيل على خلاف هذه الصفة، قال بوجوب الشفعة فيما ينقسم، وفيما لا ينقسم.