والثاني: أن الأجرة على القابض، ولا شيء على الدافع، وهو قول ابن القاسم في سماع عيسى في "العتبية".
والثالث: أن الأجرة عليهما جميعًا -على الدافع والقابض- وهو قول ابن القاسم عن مالك في "المدونة" في "كتاب القسمة"، و"كتاب الأقضية".
فوجه قول من قال: إن الجعل على الدافع وحده؛ لأن المنفعة في التوثق وحده، فعليه أن يوثق لنفسه بما يبرئ به ذمته.
ووجه القول الثاني: أن [المنفعة في](١) التوثق للقابضين لئلَّا يتوجه له عليهم دعوى، أو لأحد من سببه أنه دفعه إليهم قرضًا، أو قراضًا، أو وديعة، أو دينًا كان لهم عليه، ولهم فيه منفعة أيضًا من وجه آخر مخافة أن يطرأ عليهم وارث أو غيره، فمن يثبت له في هذا المال حق، فيدعي عليهم أنهم قد قبضوا أكثر مما اعترفوا به، ولا شيء على الدافع؛ لأنه متطوع بقبض المال، والنظر فيه بغير منفعة له فيه إلا إعانة مسلم لمسلم؛ لأن المال في غير ذمة، وهذا كله في مثل الوديعة، والقراض.
ووجه القول الثالث: أن المنفعة في ذلك للقابض والدافع، ولا مزية لأحدهما على الآخر.
فأما الوجه الثاني: إذا كان يصدر الوثيقة ويشهد فيها، فهل يجوز أخذ الجعل عليها أم لا: أما الجواز فقد استمر عليه عمل أهل الزمان في مشارق الأرض ومغاربها، واتخذ الشهود أسواقًا في أمهات البلاد يبيعون فيها الشهادة بالدراهم، والفلوس، وجعلوا ذلك أحد الحرف، وأطيب