للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المباحات، فليت شعري من أين لهم ذلك، وهل أوتوا في ذلك نصوص من إمام المذهب أبي عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه أم اغتروا بما وقع له في أمهات المذهب من إطلاق الكلام في أجرة كاتب الوثيقة؟

فإن وقفوا على نص مالك رحمه الله أو واحد من أصحابه أنه يجوز للشاهد أن يأخذ الجعل على شهادته فسمعًا وطاعة وحبًا وكرامة، فإن لم يكن إلا التعلق بالظواهر فهيهات، وأنى ترجى النجاة لغريق يتعلق بأرجل الضفادع؛ بل الذي دلَّت عليه ظواهر المذهب خلاف ذلك، وأن ذلك لا يجوز منها، وأن ذلك من باب الشهادة بجعل، ولا أظن يخالف أحد من المسلمين أن رجلًا لو سأل شاهدًا أن يشهد له على حد أو حق، فقال: لا أشهد لك إلا بجعل، أن ذلك لا يجوز، وأن شهادته إن شهد على ذلك الوجه مردودة ساقطة [. .] (١) جوز بعض أرباب المذهب لمن طلب الشهود في البادية أن يؤدوا له الشهادة عند القاضي في البلد، ومسافتهم بعيدة: أن يكري لهم دوابًا يركبونها للضرورة الداعية إلى ذلك، ومن ذلك يؤدي إلى إسقاط الثقة بشهادته؛ لأن الحرص على أخذ الجعل يحمله على ترك الاستقصاء في تحمل الشهادة على وجهها؛ ولأنه من باب الجار إلى نفسه.

ومنها أيضًا على ما هو عوهد من أحوالهم في [الحواضر] (٢) أنهم يشتركون فيما يأخذونه من الجعل، وذلك أيضًا فيه ما فيه؛ لأنهم لا يخلو من أن يكون الشريكان في حانوت واحد، أو في حوانيت.

فإن [كانا] (٣) في حانوت واحد: فلا يخلو من أن يتساويا في الجعل، أو يختلفا.


(١) قدر كلمتين لم نتمكن من قراءتهما.
(٢) في أ: الحاضر.
(٣) في أ: كانوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>