للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تساوت سهامهما [في ذلك] (١)؛ كان من أكل المال بالباطل؛ لأن أحدهما يصدر الوثيقة ويشهد فيها، والآخر يشهد خاصة، ومعلوم أن الذي يصدر الوثيقة، ويشهد أكثر عناءً من الذي يضع اسمه خاصة، وشركة الأبدان مبنية على التساوي فيه العمل، والاعتدال على مشهور المذهب.

فإن اختلفت سهامهما في الجعل، وأنه يقسم على قدر عملهما، فكيف يُدْرَك ذلك ويُعْرَف؟ ومن الوثائق ما يطنب فيها الكلام، ويحتاج فيها الموثق إلى أتعاب القرعة في استنتاج المقاصد؛ لأن الموثق مصنف، ومنها ما يختصر في الكلام، ومثل ذلك لا يتمكن فيه التجزئة.

فإن افترقا فيه حانوتين: فقد زاد على ذلك الوجه في المنع وجه آخر؛ وهو اختلاف المواضع، وشركة الأبدان إنما جازت في مشهور مذهب مالك بثلاثة شروط:

اتحاد الصنعة، واتحاد المنفعة، وعدم التفاضل، إلا الشيء المغتفر، على ما أشبعنا فيه الكلام في "كتاب الشركة".

فكيف تقبل شهادة من تعرض لهذه المشكلات وتورط في هذه [الشبهات] (٢) وبنى أصل دينه على الخلافيات، والله تعالى يقول في محكم كتابه: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (٣)، وقال سبحانه: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} (٤).

ومن يأخذ الجعل على وضع الشهادة فما أقامها لله، ولا شهد لله؛ بل هو شاهد لنفسه، ومغتنم فلسه، وذلك مما نستجير الله فيه.


(١) في أ: فيه.
(٢) في ب: الشهادة.
(٣) سورة الطلاق الآية (٢).
(٤) سورة النساء الآية (١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>