للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب الخلاف: هل يُقاس عينُ الشيء المعار وتغييبه على ذهاب عينه أم لا؟.

فمن جعل تغييبُهُ كذهاب عينه قال: المستعير ضامن، ومن جعل تغييبُهُ مُخالف لذهاب عينه قال: القول قولُ المُستعير في إسقاط الضمان عنه.

وبقية الأقوال جارية على الاستحسان على غير قياس.

فإن ادعى هلاك الشيء المُستعار وضياعُه، فهل يُصدّق في ذلك أم لا؟ فالمذهب على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن المستعير ضامن للعارية، قامت البينة على التلف أو لم تقُم كانت مما يُغابُ عليه أم لا، وهو قول أشهب، وأحد قوليْ مالك، وهو مذهب الشافعي.

والثانى: أنه لا ضمان عليه إلا أن يشترط الضمان، وهذا القول حكاه أبو إسحاق بن شعبان في "الزاهي" وعابهُ.

والثالث: أنه يضمن فيما يُغابُ عليه إلا أن يقوم ببينة على التلف بغير سببه، ولا يضمن فيما لا يغاب [عليه] (١) إلا أن يكون سبب التلف من المُستعير، وهو المشهور من قول مالك، وهو قولُ ابن القاسم في "المدونة"، وهو أصح الأقوال وأوْلى بالصواب على ما نصف.

وسبب الخلاف: تعارُض الآثار وتجاذب الاعتبار.

فأما الآثار: فمنها ما رُوي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمَّنَ صفوان بن سليم ثم إنه غزى حنينًا، فذكر له [- صلى الله عليه وسلم -] (٢) أداة، وسلاح عند صفوان، فأرسل إليه فسأله: "إياها عارية"، فقال صفوان: [أين الأمان] (٣): أتأخذها غصبًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت أن تمسك أداتك


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.
(٣) في أ: بن الماهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>