للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من زلزلتها واضطرابها"، وهو أسعد بظاهر الكتاب، واحتجّ قائله بقول مالك في الحدّاد: أنه لا يُمنع من عملِ ضرب الحديد في دارهِ، وإن أضرّ ذلك بجاره في مسامعهِ ورأسهِ.

وأمّا ما فَتَحَ عليه من الأبواب، والكوات يُشرف منها على جارِه، فإنهُ يُمنع مما فيه ضرر، وقضى عمر - رضي الله عنه -: أن يُوضع وراءَ الكُوات سرير، ويُوقف عليه رجل، فإنْ نظر إلى ما في دار جارهِ، مُنع منهُ، وما كان من ذلك لا يضرُ به لم يُمنع.

ومعنى ذلك: أن يكون السريرُ عليه الفُرُش، فإن نظر الواقفُ عليه إلى وجه مَنْ هو في دار جاره، سُدَّ ذلك عَليه، وإلا فلا:

فإن حُكِمَ عليه: بسدّ تلك الكوّة، فطلب أن يسدّها من خلف بابها مما يوالي داخل داره، فقال "سحنون" في كتاب ابنه: "ليس ذلك لهُ، وليُقلع، ويسدُّ ذلك كلَّهُ، وترك الباب يُوجب له حيازه بعد اليوم يشهدون لهُ أنَّهُم يعرفون هذا الباب، منذ سنين كثيرة، فيصيرُ حيازة، ولابد أن يقلع.

وأمّا ما رفع من البناء، فمَنَعَ جارهُ من الشمس، وَمَهَبِّ الريح، هل يُمنع من ذلك أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أنه لا يُمنع من ذلك، ولا حُجَّة [له] (١) في [كونه] (٢) يُظلِمْ عليه دارَهُ، وهو قول ابن القاسم في "المدونة"، وبه قال أشهب, وابن نافع، وظاهرُ قولهم أنه لا فرق بين أن تكون له منفعةٌ أم لا.

والثاني: أنهُ يُمنع من ذلك إنْ لم يكن فيه منفعة؛ لأن على الجارِ فيه


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>