فإن عجز عن العمل والآلة وعن جميع ما ذكرنا بكل وجه، فإن الهبة هاهنا ماضية، والإشهاد في ذلك يجزئ، ولو قامت أعوامًا كهبة الديون ما لم ينتفع بها الواهب، وهي رواية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، وبه قال أصبغ.
فإن كان المنع من قبل الواهب، فلا يخلو الشيء الموهوب من أن يكون قائمًا بيده أو أخرجه من يده.
فإن كان قائمًا بيده كان للموهوب له مخاصمته، ومطالبته، والسعى في التمكين، والقبض جهده.
فإن أثبت على الواهب، هل يكون الحكم كالقبض والحوز أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنه كالحوز، وللموهوب له قبضها بعد موت الواهب، وهو قول مطرف، وأصبغ.
والثاني: أن الحكم لا يكون حوزًا، وأنه إن مات قبل أن يقبضها الموهوب له، فلا حق له فيها، وهو قول ابن الماجشون في "الواضحة".
فإن أخرجها من يده، فلا يخلو من أن يخرجها بعوض أو بغير عِوَض.
فإن كان ذلك بعوض مثل أن يبيعها، أو يخرجها بغير عوض مثل أن يهب للثاني أو يعتق إن كان عبدًا، فقد قدمنا الكلام عليه في مسألة مفردة في "كتاب العتق الثاني" بما لا مزيد عليه هاهنا.
وأما الدُّور فلا يخلو الواهب من أن يكون فيها ساكن أو غير ساكن.
فإن كان فيها ساكنًا، فإنه يؤمر بالخروج منها وتفريغها للموهوب له.