للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سكن البعض، وحوز البعض، فالهبة صحيحة فيما حازه اتفاقًا قليلًا كان أو كثيرًا، ويبطل فيما سكن، وسواء سكن فيها باكتراء أو [إرفاق] (١) أو إعمار وأيّ وجه كان، فإن ذلك يمنع الحيازة؛ إذ لا يصح فيها قبض، ولا حيازة مع سكنى الواهب لها إلا أن يكون الواهب زوجة الموهوب له، فتمادت على السكنى مع زوجها فيها، فإن ذلك لا يمنع صحة الحيازة؛ لأن السكنى على الزوج.

فلو كان الزوج هو الواهب لزوجته دار سكناهما، فسكنها معها لمنع ذلك صحة الحوز؛ لبقاء يد الواهب على الهبة وانتفاعه بها.

وهذا كله قول ابن القاسم في "العتبية"، فإن كان الواهب ساكنًا فيها، أو في غيرها ففرغها، ومكن الموهوب له من حوزها، فإن فعل فيها ما يدل على الحوز صحت له الهبة؛ مثل أن يسكن فيها أو يكريها من [غيره] (٢) أو يسكن فيها من شاء بأيّ وجه شاء، أو أخذ مفاتيحها، وأغلقها؛ فإن ذلك حيازة تصح بها الهبة للموهوب في حياة الواهب، وصحته، ولو لم يعمل فيها عملًا، ولا أذن إليها بوجه، وتركها مهملة غير مغلقة، ولا انتفع بها بوجه من الوجوه حتى مات الواهب أو مرض لكان حكمها حكم الأرض التي لم يزرعها في إبان زراعتها حتى مرض الواهب أو مات، فإن الهبة فيها باطلة.

فإن حازها الموهوب له ثم رجع إليها الواهب، فسكنها حتى مات فيها، فذلك يختلف.

فإن كان سكناه إياها على وجه الاستخفاء مثل أن يخاف من سلطان أو من غريمه، فيختفي عنده فمرض فيها، ومات، فإن ذلك لا يبطل الحيازة


(١) في أ: ارتفاع.
(٢) في أ: غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>