أحدهما: أن الهبة له نافذة، وهو قول ابن القاسم في "المدونة" في الذي بعثه لرجل، ثم مات الباعث قبل وصولها إلى المبعوث، وهو قوله فيما يشتري من الهدايا من الحج وغيره لأهله وأولاده.
والثاني: أن ذلك باطل إذا مات الواهب قبل الحيازة، وهو قول ابن القاسم في "العتبية"، وإن شهد على ذلك.
وسبب الخلاف: الإشهاد، وعدم التفريط هل يقوم مقام الحوز مع تعذر الحوز أم لا؛ قال مالك في "العتبية" فيمن تصدق في سفره على امرأته وابنته، وليسوا معه بعبد، والعبد يخدمه، ومات السيد قبل أن يخدم، فإن أشهد على الإنفاذ من يعرف المرأة والابنة، فذلك نافذ، وإن أشهد هكذا من لا يعرفهما؛ فلا أدري ما [هكذا](١) فانظر قوله من يعرفهما ما فائدته؟
فإن لم يشهد على ذلك، وإنما كان يذكر للعدول عند الشراء من غير أن يقول لهما: اشهدوا علي بذلك، ففيه قولان:
أحدهما: أنه يرجع لورثة الواهب، ولا شيء فيه للموهوب له، وهي رواية أشهب عن مالك في "الموازية".
والثاني: أن الهبة نافذة للموهوب له، وهو قول ابن القاسم فيما حكاه عنه ابن عبد الحكم في "الموازية" في الذي قال: ادفعا ذلك إلى فلان؛ فإني وهبته ذلك فهي شهادة، وإن لم يقل: اشهدوا علي، وهو ظاهر المدونة من غير ما موضع.