وأما الوجه الثالث من أصل التقسيم: إذا وهبه ما في حوز الموهوب له: فلا يخلو ما في يده من أن يكون قبضه لمنفعة الواهب خصوصًا، أو لمنفعة القابض.
فإن قبضه لمنفعة الواهب خصوصًا كالوديعة، فلا يخلو من أن يقبل المودع الهبة أم لا.
فإن قال: قد قبلت، فالهبة نافذة اتفاقًا.
فإن لم يقل: قبلت، حتى مات الواهب، هل يكون قبضه حوزًا للهبة أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن ذلك لا يكون حوزًا إلا بمقارنة القبول نطقًا، وهو قول ابن القاسم.
والثاني: أن ذلك حوز لها، وهو قول غيره.
والقولان في "المدونة" في "كتاب الهبة".
فعلى قول ابن القاسم أن الهبة تفتقر إلى المبادرة بالقبول على الفور، فإن افترقا قبل أن يقبل فلا قبول له بعد ذلك كالبيع الذي يفتقر إلى الإيجاب، والقبول [على](١) الفور.
فإن قبضه لمنفعة نفسه خصوصًا كالمخدم، والعادية، فإن قبضه حوزًا له؛ لأنه يستخدم ومال الرقبة له.
واختلف في الإجارة على قولين:
وأما الوجه الرابع: إذا وهبه ما في ذمته أو ما في ذمة غيره من الديون، وأرش الجنايات، فما كان له ذكر حق، فحوزه قبض الذكر الحق، وما ليس فيه ذكر الحق، فحوزه القبول والإشهاد، وذلك غاية المقدور، ولا خلاف -أعلمه- في المذهب في هذا الوجه [والحمد لله وحده].