فإن كانت الهبة مشاعة بينه، وبين الأب مثل أن يهب له الأب نصف داره أو نصف عبده، فحاز ذلك الأب، وصار بيده حتى مات قبل أن يبلغ الصغير ويرشد أو جعل الباقي للسبيل، فهل ينفذ من ذلك حق الصغير أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن الهبة نافذة في حق الصغير، وحوز الأب له حوز؛ لأن يده على الجميع، ولا يضره شياع ذلك مع غيره، وهو قول ابن القاسم، وأشهب في "الموازية"، و"العتبية".
والثاني: أن الهبة باطلة في حق الصغير, والسبيل وهو قول أصبغ.
ووجه القول الأول: أن قبض الأب لا يؤثر فيه المشاع، وأنه صحيح كصحته في الشيء المنفرد.
ووجه القول الثاني: أن قبضه الجزء المشاع لابنه وباقيه له، أو راجع إليه لا يصح؛ لأنه لا يتميز ما يقبض لابنه مما أبقاه على ملكه.
وحكى القولين القاضي أبو محمد عبد الوهاب في "المعونة".
فأما إن كانت الهبة خالصة للابن، مثل أن يهب له دارًا بعينها، فلا يخلو الأب من أن يكون ساكنًا فيها، أو في غيرها.
فإن كان ساكنًا في غيرها، فالهبة نافذة للابن بحوز الأب قولًا واحدًا في المذهب، ويكتفي في ذلك بالإشهاد على الهبة، والإعلان بها، وإن كان الأب يحرث [الأرض](١) ويستعمل غيرها، وهو قول ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك، كما قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه -