للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن الورثة يؤمرون، ولا يخيرون.

وسبب الخلاف: لفظ الموصى إذا عرى عن غرض ظاهر، هل يعد ذلك منه عبثًا، وسفهًا؛ لأن قوله: بيعوا عبدي، كلام لا يفهم منه فائدة، ولا تعقل له قرية فيطرح ويلغي، أو لا يعد ذلك عبثًا وسفهًا؛ لأن كلام الموصي في ماله لا يخلو من غرض، ولابد لوصيته من فائدة قصدها منها: إما ظاهرة، وإما باطنة، إما لنفسه، وإما لغيره.

وفي مسألتنا قد يقصد بالوصية بيع عبده على معنى الرفق بالعبد، وصرف الأذى عنه لما علم من عض بعض الورثة أنامله من العبد لأجل ما يلقى منه من المغائظ في حياة السيد من كون العبد حريصًا على صيانة مال سيده، ولم يساعدهم على ما يريدون من بسط اليد إلى الخيانة فَيَسُومُونَه بالوعيد، ويحملون عليه بالتهديد، مهما حصل في ملكهم بالإرث، وخصوصًا إذا كان الوارث غاصبًا، أو بعكس ذلك أن يكون عبدًا مسخوطًا جافيًا يخشاه السيد على ولده، وهو ممن لا تؤمن غوائله، فرأى إخراجه من ملكه مصلحة لورثته، فعلى هذا ينبني الخلاف.

والجواب عن السؤال السادس: إذا قال: بيعوه ممن أحب، فلم يوجد من يشتريه بوضيعة الثلث، وبعد انتقال العبد من عمرو إلى زيد، أو لم يجد من يساومه أصلًا.

أما إذا لم يجد من يساومه ممن أحب، فلا شيء على الورثة باتفاق المذهب.

وأما إذا وجد من يشتريه بالوضيعة من الثلثين، فأبى الورثة من بيعه، ففي الكتاب قولان:

أحدهما: أن الورثة مخيرون بين أن يبيعوه بما سئلوا، أو يعتقوا ثلثه

<<  <  ج: ص:  >  >>