فلا يخلو من أن ينقطع عنه خبر ما غاب عنه، وجهل حاله، أو بلغه الخبر بأن سفينته قد غرقت، وأن العبد قد هلك.
فإن انقطع عنه خبر ذلك وجهل حاله، فإن الوصايا تدخل فيه إذا رجع العبد إليه، والبعير الشارد، ووصلت السفينة بسلامتها، ولو كان إيابهم بعد الإياس، ولو بعد عشرين سنة، وهو قول مالك، وابن القاسم في "الموازية"، و"المجموعة".
فإن بلغه الخبر أن السفينة قد غرقت، وأن العبد قد هلك، ثم ظهر سلامة ذلك بعد موت الموصي، هل تدخل فيه الوصايا أم لا؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الوصايا لا تدخل فيه جملة.
والثاني: أن الوصايا تدخل فيه.
والقولان رواهما أشهب عن مالك في "العتبية" وغيرها.
والثالث: التفصيل بين أن تشهد بذلك عنده بينة أو لا؛ فإن شهدت عنده بينة بغرق السفينة، وموت العبد أو بلغه الخبر، فطال زمان ذلك، وآيس منه ثم مات فلا تدخل فيه الوصايا.
وإن كان بلغه بلاغًا ثم مات بقرب ذلك، ولم يشهد بذلك عنده أحد، فإن الوصايا تدخل فيه، وهي رواية عيسى، وأصبغ عن ابن القاسم في "المجموعة".
وأما أن كان ذلك المال مما لا يملك التصرف فيه في الحال ويملكه هو أو وارثه في ثاني حال؛ لتعلق حق الغير به كالعمرى أو الحبس الذي مرجعه إليه، فإن الوصايا تدخل فيه، وهو قول مالك في "الموازية"، و"المجموعة".