والجواب عن الوجه الثاني من أصل التقسيم: إذا كان الموصي غير عالم بأصله كمال ورثه ببلد بعيد، ولم يعلم به حتى مات، أو دية العمد قبلت بعد موته. هل تدخل فيه الوصايا أم لا؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه تدخل فيه جميع الوصايا كمالٍ علم به، وهذا القول حكاه الحفيد عن مالك في كتاب "النهاية".
والثاني: أنه لا يدخل فيه إلا المدبر في الصحة خاصة، وهو قول ابن القاسم في "الكتاب".
والثالث: أنه لا يدخل فيه إلا المُدَبَّر في الصحة والمرض خاصة، وهو قول ابن القاسم في "الموازية" وغيرها.
فوجه قول من قال: إن جميع الوصايا تدخل فيه كمالٍ علم به [لحق](١) الموصى له؛ لأنه مال للوصي داخل في ملكه وتحت ولايته، وأنه يورث عنه كمال علم به وجهله لا يؤثر؛ لأنه قال: ثلث مالي لزيد، والغائب من حمله ماله بلا خلاف.
ووجه القول الثاني أنه لا يدخل فيه إلا المُدَبَّر في الصحة بناء على أن قصد الموصي بالوصية ما علم به من المال دون ما لم يعلم، والمدبر في الصحة ماله إلى الثلث بعد الموت، والمال الذي يخرج من ثلثه مجهول العين؛ إذ لا يدري سيده هل يخرج من هذا المال الذي بينه الآن أو يفنى هذا المال وينفد، ويستفيد مالًا آخر يخرج من ثلثه؛ ولهذا قال: يخرج المدبر في الصحة مما علم، ومما لم يعلم بخلاف المُدَّبر في المرض؛ لأن المرض من أسباب الموت، والمال الذي بيده معين، فكأنه قصد إلى خروجه