فإذا ثبت ذلك فأول ما يخرج من الثلث المدبر في الصحة، وصداق [المريض](١) إذا دخل في مرضه، وقد اختلف فيهما على ثلاثة أقوال، كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أنه يبدأ بالمُدَبَّر في الصحة، وهو ظاهر قوله في "كتاب الصيام" من "المدونة".
والثاني: أنه يبدأ بصداق المريض، وهو ظاهر قوله في "كتاب النكاح الثاني"، و"كتاب الأيمان بالطلاق" من "المدونة".
والثالث: أنهما يتحاصان.
والأقوال الثلاثة لابن القاسم.
ووجه القول بتقديم المُدَبَّر في الصحة؛ لأنه أمر لزم في الصحة، فكان مقدمًا على ما يلزم في المرض كما يقدم على العتق المبتل في المرض.
ووجه القول بتبدية الصداق؛ لأنه مختلف في كونه من رأس المال، أو من الثلث؛ ولكونه إن صح من هذا المرض، صار كالدين يتعلق بالذمة، ويكون من رأس المال باتفاق المذهب.
ووجه القول بالمحاصاة مساواتهما في المرتبة والقوة، وعدم الترجيح.
ولا خلاف في المذهب في تقديم هذين الاثنين على ما عداهما من الوصايا إلا ما قاله أشهب في "المجموعة"؛ فإنه قال: إذا كان التدبير مع الزكاة والكفارة في لفظ واحد، وكان التَّدْبِير بعد ذلك، فالزكاة والكفارة مقدمة عليه.
ووجه قول الجمهور أنّ التَّدْبِير أمر لازم حال الصحة مختص بالعتق، وللعتق تأثير في التقديم.