ووجه قول أشهب: أن هذه حقوق لازمة مقدمة بالشرع، فكانت مقدمة على ما يلزمه المرء نفسه؛ ولذلك قدمت على سائر الوصايا، ثم بعد ذلك على مذهب ابن القاسم ما فَرَّط فيه من زكاة الحرث، والعين، والماشية، ثم ما فرَّط فيه من زكاة الفطر، خلاف ما ذهب إليه ابن الماجشون على ما سنبينه آخرًا إن شاء الله، ثم العتق في الظهار، وقتل النفس في الخطأ.
ولا يخلو من أن يكون في الثلث رقبة، وإطعام ستين مسكينًا، أو لم يكن فيها إلا الرقبة [فإن كان الثلث الرقبة والإطعام، فإن الرقبة تعتق عن القتل، ويطعم عن الظهار، وإن لم يكن فيه إلا الرقبة وبعض الإطعام](١)؛ فقد اختلف فيها على خمسة أقوال:
أحدها: أنه يبدأ بكفارة قتل النفس.
والثاني: أنه يبدأ بكفارة الظهار، فإن بقى شيء أشرك به في كفارة القتل.
والثالث: أنهما يتحاصان فما صار للظهار أطعم به، وما صار للقتل أعين به في رقبة.
والرابع: أنه يقرع بينهما.
والخامس: أن الورثة يخيرون، ويعتقدون على أيّ الكفارتين شاؤوا.
وأوجه تبدية الزكاة على العتق في الظهار، وقتل النفس أن الزكاة واجبة بالشرع على معنى التزكية، والتطهير للمكلف، ولا بدل لها؛ فوجب تقديمها، والعتق في الظهار، وقتل النفس، وإن كان وجوبهما بالشرع المنقول، فإن لهما بدلًا -وهو الصيام في القتل والصيام أو الإطعام