فإن تخللها صحة بينة، فلا يلزم ذلك الإذن الورثة إن رجعوا عنه؛ لأنه تخلل بين الإذن والوفاة حالة لا يصح فيها الإذن -وهي حالة الصحة- وهي رواية يحيى عن ابن القاسم، وعليهم اليمين أن سكوتهم ما كان منهم رضا لاستدامة الإذن المتقدم، وهو قول ابن كنانة.
فإن لم يتخلل بين الإذن والوفاة وقت صحة، فهل يلزم ذلك الإذن الورثة أو لا يلزم؟
فلا يخلو الوارث الذي أذن من أن يكون نائبًا عنه، أو هو في عياله.
فإن كان نائبًا عنه، فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن ذلك الإذن لازم له، ولا رجوع له عنه، وهو قوله في "المدونة"، وهو المشهور.
والثاني: أنه لا يلزمه، وأن له الرجوع فيه، وهو قول عبد الملك في "المجموعة" في مريض باع عبدًا بأقل من قيمته بأمر بين أنه لا إجازة لورثته في ذلك قبل الموت، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة.
ووجه القول الأول أنها حال يتعلق فيها للوارث بالمال حق، فوجب أن يعتبر إذنه؛ قياسًا على ما بعد الموت؛ لأن المريض محجور عليه في التصرف في الزائد على الثلث لحقهم.
ووجه القول الثاني: أنها حال لا يجوز للوارث فيها التصرف في هذا المال؛ فأشبه حال الصحة؛ إذ لا يعلم لعل غيره هو الوارث له.
فإن كان هذا الوارث المجيز باق في عيال الموصي، ومن جملة من يُمَوّنه، فلا يخلو من أن يكون محجورًا عليه، أو غير محجور.
فإن كان محجورًا عليه كالبكر، والسفيه البالغ، فلا خلاف في المذهب، أن إذنهم غير معتبر وأنه غير لازم لهم.