فإن كان بالغًا رشيدًا، فهل له الرجوع فيما أذن فيه أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن لهم الرجوع في ذلك، وأن إذنهم غير لازم لهم، وهو قول ابن القاسم في "المدونة" وغيرها.
ووجهه أنه يخاف على نفسه إن لم يجوز [له](١) ذلك إذا صح من مرضه أن يقطع عنه رفده ورفقه الذي يناله منه.
والثاني: التفصيل بين من يخدع في عقله، ومن تغلب عليه الهيبة منه، فله الرجوع، ومن لا يُخْدَع، ولا تُدركه الهيبة منه، ولا يخاف فليس له الرجوع، وهو قول أشهب في "الموازية".
وقال: ورب زوجة لا تهابه، ولا تخاف منه، فهذه لا ترجع، وكذلك الابن الكبير، وهو في عيال أبيه، فلا رجوع له إذا كان مما لا يُخدع.
وهذا كله إذا كانت الإجازة بسؤال.
فإن كانت بغير سؤال من الموصي، هل يكون الرجوع في الإذن لمن له العذر كما كان له إذا كان الإذن بسؤال أم لا؟
على قولين متأولين على الكتاب:
أحدهما: أن جوازه على السواء؛ لأنهم يقولون: بادرنا بالإجازة لتطيب نفسه، وخشينا منه إن لم نبادر. وهو تأويل بعض الصقليين.
والثاني: أن الإجازة متى كانت بغير سؤال لم يكن لمن أجاز رجوعًا -كان في عياله أو لم يكن- وهذا تأويل بعض القرويين، وإليه ذهب التونسي وغيره.