للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر راجع [في ذلك] (١) إلى اجتهاد الإِمام؛ فإن كان المحارب ممن له الرأي والتدبير، فوجه الاجتهاد قتله، أو صلبه؛ لأن القطع لا يرفع ضرره، وإن كان لا رأي له، ولكنه ذو قوة، وبطش، وبأس شديد قطعه من خلاف، وإن كان ليس فيه شيء من هاتين الصفتين أخذنا بأيسر ذلك فيه وهو الضرب والنفي.

وسبب الخلاف: هل حرف -أو- في الآية للتخيير أو للتفصيل على حسب جناياتهم.

ومالك حمل البعض من المحاربين علي التفصيل، والبعض على التخيير.

واختلف تأويل الأشياخ على مذهب "الكتاب" إذا طالت [إضافته] (٢) وعظم شره، واشتهر أمره، ولم يقتل؛ فأكثرهم يرون أن الإِمام فيه مخير بما شاء، لكن لا يستحبون له النفي، ويجري الاستحباب في تفصيل صفاته كالتي قبله إذا أخاف السبيل، وأخذ المال، وإن لم تطل إقامته على ذلك. وهذا ظاهر لفظه في قوله: لا يخير الإِمام إذا قتل، وأخذ المال وأرى أن يقتل إذا أخذ، وإن لم يقتل؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (٣)، فإذا أخذ المال، فهو من الفساد في الأرض، وإنما يجتهد الإِمام في الذي يخيف، ولا يقتل، ولا يأخذ [المال] (٤).

وتأول بعض الأندلسيين أن حكم هذا حكم الذي قتل لا تخيير للإمام


(١) سقط من أ.
(٢) في ب: إقامته.
(٣) سورة المائدة الآية (٣٢).
(٤) في أ: ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>