فإن لم يعلموا بذلك، فالدية على عاقلة الإِمام. وهل يحدون أم لا؟
فلا يخلو من أن يوجد أحدهم عبدًا أو مسخوطًا.
فإن وجد أحدهم عبدًا حُدُّوا جميعًا، وحد العبد أربعين؛ لأن نصاب الشهادة لم يتم، وشهادة العبد لا تجوز في شيء من الأشياء، وصار ذلك خطأ من السلطان.
فإن وجد مسخوطًا فلا حد على واحد منهم؛ لأن الشهادة قد تمت باجتهاد الإِمام في تعديله وتزكيته؛ فلا حد على المسخوط، ولا على غيره من الشهود. وهذا نص قوله في كتاب الرجم من المدونة.
وعلى القول بأن الدية عليهم إن علموا بالعبد. فهل يغرم العبد معهم أم لا؟
فإنه يتخرج على قولين:
أحدهما: أنه لا شيء على العبد، وهو نص قوله في "المدونة".
والثاني: أن العبد يغرم معهم؛ لأنه جانٍ على هذا المرجوم إذا علم أن شهادته لا تجوز؛ فكان يجب أن تكون رقبته مرتهنة في ربع الدِّية يسلم بها، أو يفديه سيده.
ويلزم أيضًا إذا لم يعلموا بالعبد أن يشاركوا الإِمام في غرم الدية؛ لأنهم هم حملوه على الأمر بالرجم، ولولا هم ما قدر الإِمام على الأمر برجمه، وإنما كان يجب أن يكون ذلك على الذين وُلُّوا على الرجم؛ لأن الإِمام أمر بالرجم كالشهود لم يتولوا الرجم بيده، فإذا جاز أن تصرف الدية عن الشهود لما لم يَلُوا ذلك بأيديهم، وإنما ألزموا الإِمام فعله جاز أن يصرف ذلك عن الإِمام؛ لأنه لم يلِ بيده شيئًا، وإنما أمر كما أمر الشهود.