للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: عشر من الإبل، وقال مثل ذلك في الثاني والثالث قال: فقلت له: كم في أربع؟ فقال: عشرون من الإبل، فقلت: حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها نقص عقلها، فقال: أعراقي أنت؟ قال: فقلت: بل عالم متثبت أو جاهل متعلم، فقال: هي السنة يا بن أخي.

فقوله: هي السنة يا بن أخي، يحتمل أن يكون أرسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمرسل عند مالك كالمسند في وجود العمل، ويحتمل أن تكون سنة مستنبطة من هذه الظواهر والآثار، ويحتمل أن تكون سنة البلد بلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه متظاهر في التابعين؛ ولهذا قال ابن هرمز: وهذا مما أخذناه عن الفقهاء، ولم نقله برأينا.

وأما النظر: فإن الله تبارك وتعالى ساوى بين المرأة والرجل في أصل الخلقة، ومبدأها إلى الثلث، ثم فصل بينهما فيما بعد الثلث، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم أربعين يومًا علقة ثم أربعين يومًا مضغة، ثم يأتي الملك الموكل بالرحم، فيقول: أي رب ذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ ما الرزق، وما الأجل؟ فينفخ فيه الروح (١).

فيقع الفعل من الله بالتذكير إن شاء أو التأنيث بعد هذا المشترط فيه، وهو من العام ثلثه، وقال الله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} إلى قوله: {بِمِقْدَارٍ} (٢)، وبين الاعتبار من قوله في الآيتين إحداهما: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (٣)، والثانية


(١) أخرجه البخاري (٣٠٣٦)، ومسلم (٢٦٤٣).
(٢) سورة الرعد الآية (٢).
(٣) سورة البقرة الآية (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>