للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (١)، أن أمد الغيض -وهو النقصان- من أمد المعلوم في العادة، وهو تسعة أشهر في الأغلب، والأكثر ثلاثة أشهر، وأن الولد يصح نسبه من والده لستة أشهر؛ لأن الغيض نقصان ثلاثة أشهر من التسعة؛ فيثبت النسب بولادة ستة أشهر، فإذا اعتبرنا الزيادة بالنقصان اعتبارًا عدلًا حملنا على التسعة الأشهر ثلاثة أشهر كما نقصنا من التسعة ثلاثة أشهر في الغيض، وفي حملنا ثلاثة أشهر على تسعة تمام العام، وقد تقدم أن الأربعة الأشهر المسترد فيها ثلث العام، فكما اشتركا من العلم، وهو منتهى الأمد على الاعتبار الذي ذكرناه في ثلثه في الخلقة، ثم وقع الفصل بعد الثلث، وانفرد الذكر بتذكيره، والأنثى بتأنيثها فكذلك يشتركان في المعاقلة في الثلث ثم يرجع بعد الثلث كل واحد منهما إلى عقل نفسه كما رجع بعد ثلث العام إلى صورة نفسه، وحسبك بهذا الاعتبار بيانًا لائحًا، ودليلًا واضحًا، وهذا الاعتبار لبعض أصحابنا المتأخرين.

فإذا ثبت ذلك، فينبغي أن يعلم أن في كل أصبع من أصابع الرجل عشر من الإبل، وفي كل أنملة ثلاثة أبعرة، وثلث خلا الإبهام، فإنه قد اختلف فيه المذهب على [قولين] (٢):

أحدهما: أن فيه مفصلين؛ في كل مفصل خمس من الإبل، وهو مذهب المدونة، وهو المشهور.

والثاني: أن فيه ثلاث مفاصل كسائر الأصابع، وهو قول ابن كنانة في كتاب ابن سحنون.

والمرأة تساوي الرجل في دية الأصابع حتى تقطع لها ثلاثة أصابع وأنملة


(١) سورة الأحقاف الآية (١٥).
(٢) في أ: ثلاثة أقوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>