للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزيز رضي الله عنهما، وقاله ابن المسيب، وسليمان، وعروة، وكثير من التابعين.

وهذا كله مذكور في الجراحات، وإنما كررته هنا لزيادة بيان.

ولا فرق بين أن يكون الجاني عاقلًا بالغًا، أو مجنونًا في حال جنايته، أو صبيًا صغيرًا ممن يفهم، ويقع منه بعض التمييز؛ فإن العاقلة تحمل ما بلغ الثلث فصاعدًا [من جنايته] (١).

فأمَّا السكران والسفيه فعليهما القود في القتل والجراح إلا أن ينتهي حال السكران إلى حد لا يميز فيه بين الذرة والفيل؛ فيلتحق حينئذ بالمجنون، وتحمل العاقلة جريرته.

واختلف العلماء فيمن جنى على نفسه خطأ، هل يهدر دمه أو تحمله العاقلة؟

فذهب مالك -رحمه الله- إلى أن دمه هدر، ولا تحمله العاقلة، قال في الموطأ: ولا تعقل العاقلة أحدًا أصاب نفسه عمدًا أو خطأ بشيء، وعلى ذلك رأى أهل الفقه عندنا.

قال: ولم أسمع أحدًا ضمن العاقلة من دية العمد شيئًا.

قال: ومما يعرف [به] (٢) ذلك أن الله تعالى قال في كتابه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَان} (٣).

فذهب الأوزاعي وابن حنبل إلى أن الجاني على نفسه خطأ أن ديته على عاقلته تدفع إليه إن كان حيًا وإلى ورثته إن مات.

ويشبه أن يقال في توجيه ما ذكراه أن الدية على أحد القولين واجبة


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.
(٣) سورة البقرة الآية (١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>