للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على العاقلة بطريق [الأصالة] (١) بعلة الجناية الواقعة على وجه الخطأ، فيستوي في ذلك من قتل نفسه، ومن قتل غيره.

وأمَّا الآية التي استدل بها مالك -رحمه الله- على أن العاقلة لا تحمل من دية العمد شيئًا، فقد اختلف العلماء في تأويلها على حسب اختلاف مذاهبهم في القاتل هل يجبر على دفع الدية إذا رضي بها وليّ القتيل؛ فقيل: معنى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} (٢)، أي: بدل له أخ المقتول الدية؛ فيكون معنى "عفى له": بذل له، والضمير في "له" راجع إلى وليّ المقتول [والأخ أخ لذلك المقتول] (٣) إلى الرضا بذلك والمطالبة بما بدل من الدية بمعروف، ويؤدي القاتل إليه بإحسان، وهذا على أحد الروايتين عن مالك [وهي رواية ابن القاسم، وأشهب في "المجموعة"] (٤)، ورواية ابن القاسم في "المدونة" أن القاتل ليس له بدل الدية إذا طلبها ولي الدم إلا أن يشاء، وإنما [عليه القصاص، وبه قال الشافعي، ودليل] (٥) ذلك من جهة المعنى أنه معنى يجب به القتل فلا يستحق به التخيير بين القتل، والدية كالزنا.

وقيل: إن معنى قوله: فمن عفي له، أي: ترك له -يريد: القاتل- وأخوه -يريد: ولي المقتول يريد ترك قتله فيكون له طلب الدية بالمعروف، وعلى القاتل أن يؤدي إليه بإحسان، وهي رواية أيضًا عن مالك أن ولي القتيل مخير بين القتل وأخذ الدية، [ويجبر] (٦) القاتل


(١) في أ: الإصابة.
(٢) سورة البقرة الآية (١٧٨).
(٣) سقط من أ.
(٤) سقط من ب.
(٥) سقط من ب.
(٦) في أ: يخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>