للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بساحة أوعارها، وكلال الفطنة عن استنباط فرات مياهها، أو لعوارض عائقة، وأعذار مانعة صدته عن بلوغ الغاية، واستيفاء النهاية، والظن بهم رضي الله عنهم أن الوقوف عن ذلك لعائق الأقدار، ومانع الأعذار، ولم يصل إلى هذا المغرب الأقصى في هذا الزمان كتاب في شرح المدونة يشفي العليل علته، ويروي الغليل غلته، إلا "كتاب التنبيه" لأبي الفضل العياضي، غير أنه تناهبته أيدي الطلبة، وقعدوا عليه حتى لا يقدر فيه على النسخة الصحيحة؛ بل تسلطت عليه أقلام من لا يعرف كيف يمسكها، فمسخوه وهو يتوهمون أنهم نسخوه حتى لا يوجد منه شيء يعول عليه إلا من له فطنة ذكية، ورواية زكية، فالبعسار يظفر منه بالمقصود إذا أمعن النظر في المدونة مع توفيق يعضده، والتوفيق بيد الله يؤتيه من يشاء، فها أنا أهذب المقصود وأقرب المطلوب في هذا الكتاب بتلخيص مسائل المدونة، وبيان محل الخلاف فيها، وتحصيل الأقوال المستقرأة من المدونة، وتنزيلها، وبيان مشكلاتها ومحتملاتها بدليل يشهد بصحتها، أو نصوص تقع في المذهب على وفقها، وكل استقراء خرج من موافقة الدليل، أو لم يكن في نص المذهب ما يوافقه، ويؤيده فهو استقراء ساقط عند أهل التحصيل والتأويل، وإنما اعتمد حذاق المذهب العمل بالاستقراء من المدونة، وقدموه على نص يخالفه في المذهب لصحة المدونة، وقوة إسنادها، وكثرة الاعتناء بها؛ [ولذلك] (١) قدمت على ما عداها. وقيدت منها مع ذلك المشكلات الشوارد، وعقلت فيها المعضلات الأوابد حتى غادرتها يسقى منها بالأكف، والسواعد بعد أن كانت شاغرة [المسالك] (٢) والموارد، ونشرف أثناء ذلك من لطائف الفوائد، وطرائف الفرائد ما لم يقع في


(١) في أ: وبدليل.
(٢) في ب: المباه.

<<  <  ج: ص:  >  >>