للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله تعالى يقول: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (١).

والضرب في الأرض: السفر فيها، ومنه سمى أخذ [مال القراض] (٢) مضاربة عند بعض العلماء؛ لأنهم كانوا في الجاهلية إذا أخذ أحدهم مالًا [قراضًا] (٣) خرج إلى الشام أو إلى غيرها ليشتري به أو يبيع هناك.

ثم لابد [لهذا السَّفر] (٤) مِنْ أنْ يُقَيَّد بِحَدٍ وغَاية لا يقصر المسافر دونها؛ لأن السفر في موضع اللغة ينطلق على القليل والكثير، فاختلف العلماء فيه اختلافًا كثيرًا؛ فمنهم من يقول: أقل ما يقع عليه اسم السفر، وهو مذهب أهل الظاهر.

وذهب الشافعي وغيره إلى أن الصلاة تقصر في أربعة [بُرَد] (٥).

وذهب أبو حنيفة إلى أن أقل ما تقصر فيه الصلاة مسيرة ثلاثة أيام.

وسبب الخلاف: معارضة المعنى المعقول من اللفظ؛ وذلك أن المعقول من تأثير القصر في السفر أنه [لما كانت] (٦) المشقة الموجودة [فيه] (٧) مثل تأثيره في [الصوم] (٨)، وإذا كان الأمر كذلك وجب القصر حيث وجدت المشقة أو ما هو مظنة للمشقة، واللفظ ظاهر يفيد تعلق الحكم به كان مقتضاه مظنة المشقة أم لا.


(١) سورة النساء الآية (١٠١).
(٢) في ب: المال قراضًا.
(٣) سقط من أ.
(٤) في ب: للسفر.
(٥) البريد: اثنا عشر ميلًا.
(٦) في أ: لمكان.
(٧) في أ: فيها.
(٨) في أ: السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>