للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يصح أن يكون الشَّفَق جوابًا للسؤال عن الفجر؟

فقال بعض متفقهة الزمان: هذه المؤاخذة لازمة لابن القاسم، وليس ما قاله بلازم [فإن] (١) ابن القاسم رضي الله عنه جاء بالجواب عن مُقْتَضَى السؤال؛ لأنه سئل عن الفجر ما هو عند مالك، فأخذ يبين له قول مالك فيه ومذهبه واهتمام مالك، وصرف عنايته إلى الوقوف على حقيقته، وحقيقة الشفق؛ لأن [الفجر اسم مشترك كما أن] (٢) الشفق اسم مشترك، فأراد أن يبين مَنَاط الحكم من هذا الاسم فجعل أحدهما أصلًا، والآخر فرعًا.

والأصل في اصطلاح الأصوليين: عبارة عن المسألة المتفق عليها.

والفرع: عبارة عن المسألة المختلف فيها.

فكان الفجر محل الاتفاق بينه وبين العراقي؛ أعني أن الفجر الأول المسمى [بالكاذب] (٣) المُشَبَّهة بِذَنَب السَّرْحَان لا يتعلق به حكم؛ لا حظر ولا إباحة، أعني الحظر: الأكل للصائم، والإباحة: صلاة الفجر.

فإن الفجر الثاني هو المُؤَثِّر في الحَظْر والإباحة، فأراد أن يقيس الشفق على الفجر؛ لأن المخالف يقول: الشفق: البياض الذي يبقى بعد الحمرة.

ومالك يقول: الشفق: الحمرة، فقال: البياض الساطع قيل: الفجر لا يمنع الصائم من الأكل حتى يتبين الفجر المعترض بالأفق، فكذلك البياض الذي يكون بعد الحُمْرَة لا يمنع مصليًا أن يصلي العشاء؛ فيكون


(١) في الأصل: قال.
(٢) سقط من أ، ب.
(٣) في أ، ب: بالكذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>