للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار بعض المتأخرين ما قال ابن حبيب (١).

وسبب الخلاف: المغذى حسًا هل يقاس عليه المغذى معنى أم لا؟

فمن ألحق المغذى معنى بالمغذى حسًا: أوجب الكفارة في العمد.

ومن لم يلحقه: لم يوجب الكفارة.

وهذا حكم الداخل من منفذ الفم.

وأما الداخل من سائر المنافذ؛ كمن اسْتَسْعَطَ (٢) بشيء من المائعات أو جعل في أُذُنَيْهِ دواء مائعًا، أو اكتحل أو جعل في رأسه حِنَّاء، أو احتقن من أسفله بدواء مائع أو غير مائع، فإن لم يصل ذلك إلى حلقه: فلا شيء عليه.

وإن وصل إلى حلقه وعلم أنه يصل: ليس له أن يفعل، فإن فعل فهل عليه القضاء أم لا؟ قولان:

أحدهما: وجوب القضاء، وهو قوله في "المدونة" (٣).

والثاني: أنه لا قضاء عليه، وهو قول أبي مصعب عن مالك، وحكى أشهب عن مالك مثله، ولا أعلم في المذهب نصًا في وجوب الكفارة، بل نص سحنون في "كتاب النوادر" (٤) على أنه لا كفارة عليه، وإن تعمد ذلك وهو يعلم أنه يصل إلى حلقه، وإنما الكفارة فيما أدخله من الفم إلى الحلق، و [هو] (٥) الذي يوجبه النظر؛ لأن مناط الكفارة هو الانتهاك، والانتهاك معدوم، والقصد إليه معدوم، إلا أن يقال أن الذي


(١) انظر: النوادر (٢/ ٤١).
(٢) هو ما يجعل من الدواء في الأنف.
(٣) انظر: المدونة (١/ ١٩٥).
(٤) انظر: النوادر (٢/ ٤٥).
(٥) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>