للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل أيضًا لقول مالك في "العتبية": أن الفقير المتعفف الذي لا

يسأل؛ لقوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (١).

معناه: أنه لا يفطن لهم، فيتصدق عليهم.

إلا أن بعض العلماء قال: ليس في هذه الآية دليل على نفي السؤال [جملة لقوله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (٢) مفهومه أنه يسأل سؤالًا دون الإلحاح، والإلحاح: المبالغة في السؤال.

وذهب الشافعي إلى أن الفقير أحوج من المسكين، وربما استدلوا على ذلك بقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} (٣)؛ سماهم مساكين، ولهم سفينة، وقد قرئت: "لمسَّاكين" بالتشديد للسين (٤)، وهم [ملاحو السفينة] (٥).

وعلى القراءة المشهورة يمكن أن يتأول إطلاق المسكنة عليهم لعدم القدرة، لا لعدم المال؛ لأنهم لا يقدرون أن يخلصوا أنفسهم من الملك الذي أمامهم، وما أمنوا من أخذ سفينتهم غصبًا، فسماهم مساكين مجازًا واتساعًا. فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال:

أحدها: أن الفقير أحوج من المسكين.

والثاني: أن المسكين أحوج.


(١) سورة البقرة الآية (٢٧٣).
(٢) سقط من أ.
(٣) سورة الكهف الآية (٧٩).
(٤) قال ابن العربي: ولا حاجة لذلك.
(٥) في الأصل: النوانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>